قصة سيدنآ آدم فـ بتبتدي من قبل مايتخلق أساساً
قصة سيدنا آدم عليه السلام بالعامية المصرية |
قبل ما ربنا يخلق الإنس بسنين كتير , خلق قبلنا حاجات كتير ..
• أول حاجة إتخلقت كانت الميّة ! .. مذكور في تفسير السدي بأسانيد متعددة "إن الله لم يخلق شيئاً مما خلق قبل الماء "
,, و " أن الماء خُلق قبل العرش "
لما تعرف المعلومة دي هتفهم وتحس بمعنى الآية { وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}.. الماء الأول وبعده كل حاجة تيجي
• ومن بعد الميّة إتخلق العرش على الميّة , قال تعالى في سورة هود : (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) ..[آية 7 :سورة هود]
بمعنى إن خلق العرش كان بعد الماء لإن العرش إتخلق على الماء وبالتالي ماينفعش يكون عليه غير لو إتخلق الماء قبليه , أو على الأقل معاه .. ومن السُنة ففي أحاديث بتأكد النقطة دي , منها مثلاً ما ذُكر في صحيح البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (كان الله ولم يكن شيء قبله ، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السماوات والأرض)
وفي رواية تانية " ثم كان عرشه على الماء "
• القلم , بس هتلاقي حديث بيقول "إن أول ما خلق الله القلم" , الحديث دا مابيتعارضش مع حقيقة إن الماء والعرش إتخلقوا الأول
بس بالتوفيق بين الحديثين هنفسّر إن المقصود بـ أولولية خلق القلم كانت إنه إتخلق قبل أي حاجة بإستثناء الماء والعرش , فأولوليته على باقي المخلوقات مش على الماء والعرش .. والكلام دا هتلاقيه منطقي لإن ربنا لما خلق القلم أمره إنه يكتب كل شيء منذ بداية الخلق حتى قيام الساعة , فـ طبيعي مدام هو الي كتب كل شيء يبقى إتخلق قبل أي شيء.
• بعدها بـ50 ألف سنة خلق الله السموات والأرض , ودي إتخلقت في 6 أيام بس , الأرض إتخلقت الأول وبعدها السماوات.
وعلى وجه الدقة نقدر نقول إن الأرض إتخلقت في يومين , و إتقدّر فيها أقواتها في يومين تانيين , كده بقوا 4 أيام.
بعدها ربنا إستوى إلى السماء وكانت لِسّه دخان , فخلقها ..{ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } .. [آية 9 ,10 ,11 : سورة فصلت]
بس هتلاقي فيه آية تانية بتقول { أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا...} وبعدها بآيتين {والأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاها } .. [آية 27 , 30 : سورة النازعات]
بعد ذلك إزاي بقى! مش قولنا الأرض الأول ؟
اه ماهو الي حصل إن الأرض إتخلقت الأول بس ماكنتش مدحوّة [والدحو عند العرب يعني البسط] , لما ربنا خلق السما رجع للأرض تاني فـ بسَطَها وأخرج منها الأنهار وغيرها
رغم إن ربنا كان قادر يخلق السماوات والأرض كلها في ثانية بـ كن فيكون .. لكنه خلقها في 6 أيام وده يوصلّ لنا رسالة عن ضرورة التأني في العمل , فـ نفهم إن بلاش إستعجال المهم الإتقان.
• الجن , الجن زيهم زينا مخلوقين لعبادة الله , ودول إتخلقوا قبل الإنس بـ 2000 سنة تقريباً ..
أغلب الظن إنهم في السنين الي عاشوها قبل ما يُخلق آدم كانوا أفسدوا في الأرض , وده سر إستعجاب الملائكة وسؤالهم -لما ربنا بلّغهم انه هيخلق أبونا آدم - فقالوا {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} .. [ آية 30 : سورة البقرة]
فـ إستعجابهم كان نابع من توقّعهم إن الإنسان هيعمل زي ما الجن عملوا ويفسد في الأرض ..
وفي تفسير تاني بيقول إن ربنا هو الي أخبر الملائكة بـ إن بني آدم هيبقى فيهم مفسدين
فـ واحد من التفسيرين دول كان هو السبب الأول لإستغراب الملائكة وسؤالهم -والله أعلى وأعلم- , أما السبب التاني فـ كان إنهم خافوا يكونوا قصّروا في عبادة الله ويكون خلق الإنسان بسبب تقصيرهم ..{ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} .. [آية 30 : سورة البقرة]
عند خلق أبونا آدم ربنا إختار إنه يخلقه على قدمين مش أربع أقدام ولا جعله من الزواحف , قد يكون من ضمن الحِكم الخَفِيّة في الموضوع ده إنه يعرّفك إنه خلقك مرفوع الراس فـ إوعى تذل نفسك لحد غير الي خلقك , بالإضافة إلى إن إيديك تبقى حُرة الحركة فتقدر تستعملها في الإبداع والإبتكار والإنشاء والتعمير.
طب هو ليه سيدنا آدم إتسمى آدم اصلا؟!
إسمه جاي من أديم الأرض يعني تراب الارض
لأنه عند البدء في خلق أبونا آدم إتخلق من قبضة رمل من جميع رمال الأرض , بإختلاف ألوانه , رمل أبيض وأسود وأحمر , ومن هنا جاء إختلاف ألوان البشر , وطبعهم كمان , فمنهم السهل زي الرملة الناعمة ومنهم الصعب ومنهم الخبيث ومنهم الطيب .. إلخ
إتخلق سيدنا آدم على 7 مراحل في كل مرحلة تحس إن ربنا باعتلنا رسالة توعّينا وتصحّينا :
1/ قبضة من تراب الارض على إختلاف ألوانه , كأن الحِكمة إننا نعرف مدى ضعفنا , مخلوقين من نفس المادة الي بنمشي عليها , ربنا الي كرّمنا و رفع شأننا فـ ماينفعش نرجع نعصاه وننسى أصلنا.
2/ مزج التراب بالماء فبقى طين , ولو نلاحظ إن التراب والميّة هُمَّ أدوات الطهارة في الاسلام .. زي مايكون ربنا عايز يقولك إنتَ مخلوق من طُهر فما تنجسش طهارتك بالمعاصي والكبائر.
ده غير إن الطين عكس النار , الطين كله خير والنار كلها شر , فـ بقى آدم أصله خير والجن أصلهم شر!
3/ ساب الطين شوية فبقى ماسك نفسه ..{ طِينٍ لَّازِبٍ}
4/ إتساب الطين اللازب ده كمان شوية فبقى زي الصلصال
5/ إتساب الصلصال شوية فـ دَخلِت عليه عوامل تانية وشوائب فـ غيّرت لونه وخلته يسوّد زي الرماد (مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ)
زي ماتكون الشوائب دي هي الغرائز والشهوات والخصال السيئة الي ف بني آدم , قد يكون ده تشبيه بس الأكيد هو المغزى منه .. إن الأصل فيك الخير لإنك من طين , وكل الخصال السيئة دي مجرد شوائب مش اكتر.
6/ ربنا شكّل الصلصال ده زي ما بنشكّل الفخار.
7/ وأخيراً نفخ فيه سبحانه وتعالى من روحه ,, فبقى هو المخلوق الوحيد الي ربنا كرّمه بالنفخ فيه من روحه , حتى الملايكة ما إتكرّمتش التكريم ده!
ولإن الانسان مخلوق من حاجتين عكس بعض [الروح والطين]
فمن هنا هتلاحظ ان كل حاجة من الحاجتين دول بتسعى دايماً لأصلها..
الروح أصلها من السما , والطين أصله من الأرض
• فلما الإنسان بيموت روحه بترجع للسما , وجسده بيرجع للأرض
• الروح غذائها روحاني سماوي مابترتاحش غير بالقرآن والصلاة والعبادة والذكر وإشباع الحَاجات المعنوية ,, والجسد [ الي كان طين] غذائه من الأرض مابيشبعش غير بالأكل والشُرب وإشباع الشهوات الدُنيوية.
• الروح أغلى من الجسد بمراحل عشان كده جسدك بيفضل معاك على طول لكن روحك بتسيبك كل يوم وبترجع للي خلقها
نقدر نقول إن روحك باليومية , بتتاخد منك آخر كل يوم لما تنام {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} ويا ترجع يا ماترجعش { فَيُمْسِكُ الَتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسْمًّى }.. [آية 42 : سورة الزمر]
ولإن الشيطان عارف كده كويس , فتلاقيه بيحببك جداً في المعصية بالليل , عشان تنام على معصية وجايز ماتصحاش تاني فـ تُبعث على معصيتك!
ومن هنا كان سيدنا النبي بيوصينا إننا ننام على وضوء علشان نُبعث عليه.
[ ده غير إن ربنا بيتنزّل في السماء الدنيا في الثلث الأخير من كل ليلة عشان يمنح فرصة للتائبين المُستغفرين.. فـ طبيعي في الوقت ده يكون غِل إبليس وحِقده في أقصى مستوياته , إبليس المحروم الملعون المطرود من الجنة المُخلد في جهنم- بيكون في قمة غيظه بسبب حرمانه من فرصة زي دي وتمييزنا بيها عشان كده بيسعى هو وشياطينه بكل الاشكال إنهم يشغلونا ويلهونا ويقنعونا بالمعاصي والذنوب خصوصاً بالليل , خصوصاً في الثلث الأخير من الليل , فنلاقي إن فعلاً أكتر وقت بتنتشر فيه المعاصي والكبائر سراً وعلانية هو بالليل.
ده من مكائد إبليس وأعوانه اللي بيشدوا حيلهم جداً في إغوائنا وإحاطاتنا بوساوسهم عشان نفوّت الفرصة ونتلهي عن التوبة، وفوق كده نرتكب جريمة في حق أنفسنا إننا مُتجاهلين رحمة ربنا ونداؤه في سماءنا الدُنيا وقاعدين ملهيين في الدنيا ومفتنوين بيها , بنعصيه فيها في أكتر وقت هو فاتحلنا باب التوبة فيه!..]
إتخلق سيدنا آدم و طوله 60 ذراع وعرضه 7 أذرع زي ما روى الإمام أحمد في مُسنده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: كان طول آدم ستين ذراعاً في سبعة أذرع عرضاً.
وفي رواية: فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن.
[ يُذكر إنه من شِدّة طوله كان بيمشي مُقارب للسحاب, والملايكة تفزع منه لما تشوفه ../ وهو ده الطول الي هنبقى عليه كلنا يوم القيامة]
رجوعاً لتفاصيل مراحل خلقه :
يُروى إنه بعد مابقى صلصال ربنا سابه فترة قبل ما ينفخ فيه الروح
في الفترة دي جاله إبليس وقعد يلف حواليه ويحاول يفهم إيه المخلوق ده؟! .. كان مستغربه جداً , وكان بيضرب جسد أبونا آدم بـ رجله فـ يطلّع صوت كده زي الصوت الي بتسمعه لما تخبّط بإيدك على قُلّة [ويُقال إنه ماكنش بيضرب جسده ده كان بيدخل جواه من فمه ويطلع تاني] , ومن هنا عرف إبليس إننا كـ بشر مجوّفين من جوا , فـ إستشف إن ده مخلوق ضعيف ولا يتمالك.
*و ده يدينا إشارة إن إبليس والجن عموماً مش مجوفيين زينا.*
إبليس كان جن عابد تقيّ عمره ما عصا الله, عايش حياته كلها في مرضاة الله والتقرّب إليه لدرجة إنه سمحله يطلع السما ويدخل الجنة ويبقى مع الملايكة لتشبّهه بيهم في صلاحهم وأعمالهم , عشان كده هو الجن الوحيد الي كان مع الملايكة لما ربنا أمرهم بالسجود لسيدنا آدم.
فـ من كُتر التعبّد الي كان فيه وثِقته في مكانته وصلاحه , إستحقر آدم وتكبّر على السجود لـ مَن هو -في ظنه- أقل منه! فـ تجرأ على ربنا بعصيان أمره ..[ولإن التكبّر كان أول معصية عُصي الله بها فـ إتقال إنها أصل كل المعاصي , وأن "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر" ]
سيدنا آدم لما ربنا نفخ فيه الروح دخلت الروح أول حاجة في راسه, فـ عطس , فقالت الملائكة قُل الحمدلله , فقال الحمدلله [وبكده تكون أول كلمة قالها آدم هي الحمدلله] , فـ ربنا قاله "رحمك ربك" ..[ وبكده تكون نزلت عليه الرحمة قبل أي حاجة , قبل حتّى ما تكتمل فيه الروح!]
فلما وصلت الروح لعينيه شاف ثمار الجنة وإبتدا يتأمّلها , فلما وصلت الروح لبطنه إشتهى الثمار دي , فـ نط علشان ياكلها , بس النطة كانت قبل ما الروح توصل لرجله أصلاً , فـ معرفش ينط طبعاً .. ومن هنا جت الآية (خُلِق الإنسان من عجَل) .. [آية 37 : سورة الأنبياء ]
بعد اكتمال الروح ربنا مسح بيمينه على ظهر أبونا آدم فـ وقع من ظهره كــل الناس الي هيتخلقوا في المُستقبل.. إتعرض عليه ذُريته كلها إلي يوم القيامة.
أهل الجنة منهم كان عندهم علامة من نور بين عينين كل واحد فيهم .. فـ بص على واحد منهم كانت العلامة الي بين عينيه منوّرة جداً فـ عجبته ..
وده اللي خلّاه سأل : " أي ربي من هذا؟ "
فقال سبحانه : " هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يُقال له داوود"
إستفسر أبونا آدم : " ربي كم جعلت عمره؟ "
فـ أخبره سبحانه : "60 سنة"
ساعتها ضحّى أبونا آدم وطلب : "ربي زِده من عمري 40 سنة"
فـ ربنا بـ قُدرته غيّر أعمارهم هُمَّا الاتنين.
أبونا آدم كان مفروض عُمره 1000 سنة .. فبقى 960 سنة .. لما جالُه ملك الموت يقبض روحه وهو عنده 960 سنة , إستغرب لإنه لِسّه فاضل 40 سنة من عُمره!.
[بعض الأنبياء بيبقوا عارفين أعمارهم] ..
فـ ملك الموت فكّره إنه تنازل عنهم لابنه داوود
أبونا آدم كان نِسي , من غير ما يقصد .. بس من هنا بقينا كلنا بننسى .. والنسيان بيوّلد الخطأ, الجحود, والإنكار
فـ بَقت الصفات دي في ذُريته من بعده.
"نَسيَ آدم فنَسيَت ذُريته , وأخطأ آدم فأخطأت ذُريته" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
{ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا } .. إيه هيّ بقى الأسماء دي ؟!
معناها أسماء كل شيء في الدنيا , كل الحيوانات كل الجمادات كل الصناعات ..
وبعد ما ربنا علّمه كل ده , عرض المخلوقات على الملائكة وقالهم : {أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}
تعرفوا الحيوان ده "مثلاً" اسمه ايه ؟ طبعا الملايكة ماكنتش تعرف غير الي ربنا علمهولها ..{ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا}..
في حين ان المخلوقات دي لما عُرضت على سيدنا آدم قال اسمائها كلها وماغلطش في أي حاجة.
بس ليه ربنا قالهم إن كنتم صادقين ؟! صادقين في إيه بالضبط؟ ..
الحكاية ان الملايكة لما ربنا بلّغهم بخلق أبونا آدم وسألوه إستعجاباً زي ماقولنا فوق , رجعوا طمّنوا نفسهم على مكانتهم عند ربنا بإعتبارهم عباد الله المُكرّمين المخلوقين من نور اللي بيعبدوه ليل نهار بلا كلل أو ملل , فأياً كان المخلوق الجديد هيفضلوا هُمَّ أكرم منه وأعلى عند ربنا ..
فـ ربنا أثبتلهم إن سيدنا آدم مُكرّم أكتر منهم وعنده علم مش عندهم ,
وبناءاً على التفسير ده هيكون معنى السؤال "أخبروني بأسماء باقي المخلوقات إن كنتم صادقين في زعمكم أنكم أكرم من آدم" ..
ولذلك ختم بـ تذكيرهم أنه سبحانه لا تخفى عليه خافية حتى الكلام الي بيقولوه في سرهم {قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}.. [ آية 33 : سورة البقرة]
وهنا مافيش أي إهانة للملائكة أو تقليل من شأنهم إنما الغرض هو إثبات أن الله يُفضّل من يشاء من خلقه ويرفع مكانة من يشاء.
بس هنا في حكمة , لو نفكر ونتفكّر هنلاقي إن الملايكة أصلاً مش محتاجين يعرفوا أسماء المخلوقات والصناعات وباقي الحاجات , بعكس أبونا آدم و ذُريته إللي محتاجينها بشكل أساسي في تعامُلاتهم اليومية.
فـ تخيّل لو مَكُنّاش نعرف اسم أي شيء في الدنيا , ساعتها مَكَنش حد هيعرف يعبّر عن إللي هو عايزه غير بإنه يجيب الشيء نفسه قدامك ويشاور عليه! .. وده عملياً إستحالة يحصل في حاجات كتير جداً زي الجبال والطير والشجر وغيرها من الحاجات إللي يستحيل نقلها من مكانها.. وبإفتراض إنه مش مستحيل فهو هيبقى في قمة الصعوبة والمشقّة علينا في التعامل مع بعضينا..
ده يبيّن لنا قد إيه ربنا رحمنا بتعليم أبونا آدم أسماء المخلوقات علشان يسهّل علينا نرمز لكل حاجة بإسم.
توضيح تكريم سيدنآ آدم على الملائكة مكنش بس بالعِلم , لا ده كمان ربنا أثبت كده لما أمرهم بالسجود لآدم .. وده كان سجود تكريم مش سجود عبادة ,, وسجود التكريم كان جائز زمان وبعد كده بقى مُحرّم.
[عشان كده حتى سيدنا يعقوب و أولاده الـ11 سجدوا لسيدنا يوسف تكريماً مش عبادة]
بعد ما إتخلق أبونا آدم بـ فترة الله أعلم بها ربنا خلق ستنا حواء من ضِلع من ضلوعه الشمال في يوم من الأيام أثناء نومه فلما صحي وشافها استأنس بيها وأوى ليها وسكن بيها لإنها مخلوقة من جزء منه .. { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } .. [آية 189 : سورة الأعراف]
بمعنى إننا كلنا مخلوقين من نفس واحدة هي أبونا آدم اللي إتخلقت منه ستنا حواء اللي إتخلقنا كلنا من إجتماعهم سوا.. { وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} .. [آية 1 : سورة النساء]
أما سبب تسميتها بـ حواء ؟
فـ قيل لأنها خُلقت من شيء حيّ , وقيل لإنها أُم كُل حيّ.
ربنا أنعم على سيدنا آدم وزوجته إنهم يسكنوا الجنة لكنه حذّرهم من إبليس وأخبرهم بإنه عدوهم وهيسعى لإخراجهم من نعيمهم { فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ}.. [ آية 117 : سورة طـه]
{إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ}
والمقارنة هنا بين الجوع والعُري , إن الجوع ذُل الباطن , والعُري ذُل الظاهر.
{وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى}
تَضْحَى دي معناها انك تتعرض للشمس فتصيبك حرارتها , يعني تحس بـ حر..
فـ بالمثل كانت المُقارنة هنا بين العطش -إللي هو حر الباطن- والتعرّض للشمس -أو لحر الظاهر-
كان كل النعيم إللي في الجنة مِلك لأبونا آدم وزوجته إلا شجرة واحدة بس ربنا حرّمها عليهم , فـ دخل لهم إبليس من مدخل التحريم ..
{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ} .. [آية 120 : سورة طـه]
كلمهم بـ لُطف وحسسهم إنه بينصحهم وخايف على مصلحتهم , إبتدا يشككهم في سبب منعهم عن الشجرة دي تحديداً, إبتدا يقنعهم إنهم لو أكلوا منها هيكونلهم مُلك عظيم أو هيبقوا مُخلّدين.
{وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} .. [ آية 21 : سورة الأعراف ]
[وَقَاسَمَهُمَا] يعني أقسم لهما بالله علشان يصدّقوه .. و هُمَّ بفطرتهم البريئة ماكنوش لِسّه يعرفوا إن في حد ممكن يقسم بالله ويكون كاذب , فصدّقوه.
[عشان كده قيل إن إبليس أول من حَلف بالله كَذِباً..]
سمعوا كلامه وإتخدعوا بيه وأكلوا من الشجرة , فـ وقعوا في المحظور وظلموا أنفسهم بالعصيان لأمر الله.
هُمَّ من ساعة مادخلوا الجنة كانت عوراتهم متغطيّة بـ لباس الله وحده الأعلم بماهِيَّـته..
لكن لما غلطوا وعصوا الله وقع عنهم اللباس ده وانكشفت عوراتهما فإبتدوا ياخدوا ورق الجنة عشان يستروا بيه نفسهم..
{فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ} .. [آية 22 : سورة الأعراف]
إتسمّت في القرآن سَوْآتُهُمَا لأن العورة هي إللي لما تظهر تسوء صاحبها وتحزنه , وتخلي الناس ينفروا منه.
أبونا آدم غلط وعصى الله لما أكل من الشجرة , وإبليس غلط وعصى الله لما ما إستجابش لأمر السجود..
لكن الفرق إن سيدنا آدم بعد الغلط على طول تاب , وإستغفر الله ودعاه كتير إنه يسامحه على غلطته.
بينما إبليس عَنَد , وتحدّى وأصرّ على غلطته.
نزول سيدنا آدم للأرض ماكنش نزول إهانة , إنما كان فيه كرامة , ربنا كان عالم انهم هياكلوا من الشجرة ويتعاقبوا بالنزول من الجنة , تجربة السكن في الجنة كانت رُكن من أركان الخلافة في الأرض , أو زي مرحلة كان لازم سيدنا آدم يمر بيها عشان يعرف هو و ذُريته إن إتبّاع الشيطان بيطرد بني آدم من الجنة وإن سبيلهم الوحيد للجنة هو طاعة ربنا ومُخالفة هوى أنفسهم و وساوس الشياطين..
والدليل إن ربنا لما خلق أبونا آدم قال : {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} ماقالش في الجنة , الهدف كان الأرض من الأول , ومن بعدها الجنة للي يستحقها وبس.
أُمنا حواء حملت 20 مرة في كل مرة كانت بتولد توأم , ذكر وأنثي .. يعني سيدنا آدم كان ليه 40 ابن وبنت..
أولهم قابيل وأخته قليل , وآخرهم عبد المغيث وأخته أم المغيث.
كان الشرع السائد إن كل توأم من أخ وأخت يتجوزوا التوأم إللي بعدهم من أخ وأخت في الحَمل التالي لهم .. وبكده يستمر النسل ويتكاثر لإن مفيش سبيل للتكاثر غير تزواج الإخوة من أخواتهم لإن أصلاً مفيش في الأرض غيرهم [وده طبعاً من الأمور اللي إتحرّمت فيما بعد ولازالت مُحرّمة إلى قيام الساعة]
كان المفترض إن قابيل يتجوز أخت هابيل , وهابيل يتجوز أخت قابيل.. بس أخت قابيل كانت أجمل , فـ قابيل طمع في أخته وكان عايز يغيّر النظام فيتجوّزها بدل أخوه..
أبونا آدم أرجع القرار لربنا فـ أمرهم يقدّموا قُربان لله وإللي يُتقبّل قُربانه يبقى هو إللي هيتجوز أخت قابيل.
هابيل كان راعي أغنام , فقدّم أحسن خروف عنده .. وقابيل كان مُزارع , بس قدّم محصول زراعي غير قابل للأكل .. لدرجة إنه كان من ضمن القُربان سنابل , لاقى فيه سُنبلة كويسة فـ أكلها!
علامة قبول القُربان كانت إن صاعقة تيجي من السماء تحرق القُربان إللي ربنا إختاره وتقبّله.. فالصاعقة اختارت قُربان هابيل.
قابيل من كُتر الغِلّ والحِقد إللي أصابه هدد أخوه بالقتل!
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }..[آية 27 : سورة المائدة]
يُقال إن هابيل كانت بُنيته الجسدية أقوى من قابيل وأشد , لكنه مع ذلك إتحرج من الله إنه يمدّ إيده بالأذى على أخوه المسلم فمابالك يقتله!
رد هابيل على قابيل كان بـ إعلان قرار إنه مش هيعمل زيه ويحاول يقتله ولو حصل قتال بينهم فعلاً فالأهون على هابيل إنه يكون المقتول لإنه عمره ماهيقرر يكون القاتل .. وختم كلامه بمحاولة زجر أخوه وتخويفه من الظلم اللي هيترتب عليه نار وعقاب وآثام عظيمة , لإنه لو قتله هيشيل إثم هابيل كمقتول بالإضافة لباقي الآثام اللي هيعملها قابيل نفسه في حياته كلها..
{لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} .. [آية 28 : سورة المائدة]
عدّى كذا يوم لحد ما الشيطان أوحى لقابيل بطريقة القتل فـ ضرب أخوه وهو نايم بصخرة على دماغه أو يُقال ضربه بفك حمار .. {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} .. [آية 30 : سورة المائدة]
[ومن ساعتها لحد يوم القيامة أي حد يقتل بيكون الذنب في رقبة قابيل زي ما سيدنا النبي قال "لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ"]
شال الجثة واستمر في المشي فترة مش عارف يعمل إيه .. لحد ما ربنا أرسل الغراب يعلّمه طريقة دفن الموتى .. {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} .. [ آية31 : سورة المائدة]
قابيل ساعتها حس بالندم , قد يكون ندمه على قتل اخوه , بس ندمه كان من غير استغفار [وأغلب الظن إن الندم من غير إستغفار ما يُعتبرش توبة ] ,, وفي آراء علماء تانيين بتقول إن ندمه ساعتها مكنش على القتل نفسه إنما على إن الغُراب كان أحسن منه , فـ تحسّر على نفسه والله أعلى وأعلم.
أما الحكمة في إختيار الله للغراب تحديداً إنه يعلّمه الدفن .. أغلب الظن إن ده نابع من كون الغربان أكثر المُجتمعات إللي بيقيموا عدل الله في أرضه .. دول بيعملوا مُحاكمات عادلة لأي مذنب منهم, وبيكون الجزاء فيها من جنس العمل .. فـ إللي يهدم عش عقابه إنه يبني عش , وإللي ياكل أكل الغربان الصغيرة عقابه إنه يتنتف ريشه لحد ما يبقى زي الغربان الصغيرة .. ولو فيه غراب إتحكم عليه بالإعدام بيتنفذ الحكم وبعدها بيجي غُرابين يشيلوا الجُثة ويروحوا يدفنوها زي ما البشر بيدفنوا جثثهم!
هرب قابيل مع مراته لـ السهول عشان مايقابلش سيدنا آدم , عاش حياته هناك وإبتدت ذريته تتكاثر ويشيع فيهم الفساد والمعاصي .. وبقى هو و ذُريته أصل الشر في الأرض.
أبونا آدم كان نبي ورسول , بس الفرق بينه وبين باقي الأنبياء , إنه كان مُرسل لأولاده و ذريته عشان يعلمهم تعاليم دينهم ويحثهم على طاعة الله , إنما باقي الأنبياء كانوا مُرسلين لـ دعوة الكفار و المشركين لتوحيد الله.
يُقال كان علم أبونا آدم في 104 صحيفة وإنه علّم منهم حوالي 50 صحيفة لـ ابنه شيث.. والله أعلى وأعلم ..
شيث ماكنش مجرد ابن , هو كان أشبه بخليفة لأبونا آدم , كان خليفته في تعليم ذُريتهم الدين لدرجة إنه البعض بيتبنى رأي إن شيث كان أول الأنبياء بعد أبونا آدم! , والله أعلم.
إبتدت ذُرية شيث وباقي أبناء سيدنا آدم تتكاثر وبقوا هُمَّ أصل الخير في الأرض, وفضلوا مسلمين على دين أبوهم -حوالي 10 قرون - لحد ما وقع أول شرك بالله في الأرض في عهد سيدنا نوح عليه السلام ..
وفي الأول و في الاخر دي كلها اجتهادات العلماء في محاولة تفسير كتاب الله , وربنا وحده الأعلى والأعلم بما يُصيب ويُخطئ منها .. قال تعالى "وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا"❤
#قصص_الأنبياء
#أبونا_آدم
#إعرف_دينك
#لإن_إستمتاعك_بالقرآن_هيزيد_لما_تفهم_قصصه
المصادر :
• تفسير ابن كثير
• تفسير القرطبي
• تفسير السعدي
• تفسير الطبري
• تفسير ابن عاشور
• قصص نبيل العوضي
• قصص عمرو خالد
• قصص طارق السويدان
• موقع إسلام ويب
• موقع الملك سعود للمصحف الإلكتروني , تم الإستعانة به لتفسير بعض الايات