السؤال الخامس: تحدث القرآن الكريم عن يوم الآزفة ويوم التلاق فما المقصود بكل منهم
الحمد لله والصلاة والسلام على
رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
المقصود بيوم الآزفة
ابن كثير : وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ
إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ۚ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ
وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ
يوم الآزفة
هو : اسم من أسماء يوم القيامة ، سميت بذلك لاقترابها ، كما قال تعالى : ( أزفت الآزفة . ليس لها من دون الله
كاشفة
) [ النجم : 57 ،
58
] وقال ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) [ القمر : 1 ] ، وقال ( اقترب للناس حسابهم ) [ الأنبياء : 1 ] وقال ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ) [ النحل : 1 ] وقال ( فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا
الذي كنتم به تدعون
) [ الملك : 27 ] .
الطبرى : وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ
إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ۚ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ
وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ
القول في
تأويل قوله تعالى : وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى
الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18)
يقول تعالى
ذكره لنبيه: وأنذر يا محمد مشركي قومك يوم الآزفة, يعنى يوم القيامة, أن يوافوا
الله فيه بأعمالهم الخبيثة, فيستحقوا من الله عقابه الأليم.
المقصود بيوم التلاق
اسم أسماء
يوم القيامة :لأنه تلتقي فيه الخلائق كلها، حتى إن آدم عليه السلام يلتقي
بآخر من يخلق من ذريته من بنيه، آدم أول إنسان مخلوق، وآخر مخلوق من ذريته يلتقي
به يوم القيامة، تلتقي الأم بولدها، والأب بولده، والأخ بأخيه، لكن كل واحد يلتقي بمن يعرفه ويفر منه عندما
يراه: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ
أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ
مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:34 - 37]،
ويوم التلاق
يقول الله عز وجل فيه: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو
الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ * يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ
مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ *
الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ
سَرِيعُ الْحِسَابِ} [غافر:15 - 17] فالناس يلتقون يوم القيامة من أولهم إلى آخرهم.
وقيل سمي (يوم التلاق)؛ لأن أهل السماء يلتقون مع أهل الأرض، ومعروف أن أهل السماء
ينزلون، قال الله: {وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً} [الفرقان:25] {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ
وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} [الرحمن:37] ملائكة السماء الدنيا ينزلون على الأرض فيحيطون
بها من جوانبها كلها، والخلائق كلهم في الوسط، ثم يأذن الله لملائكة السماء
الثانية فينزلون، فيكونون أعظم من أهل السماء الدنيا، وأعظم من أهل الأرض، فيحيطون
بها كلها، ثم ينزل ملائكة السماء الثالثة، فكل سماء ينزل منها من الملائكة أعظم من الذين كانوا
قبلهم كلهم: {وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ
تَنْزِيلاً} [الفرقان:25] في ذلك اليوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض.
وقيل: سمي (يوم التلاق) لأن فيه يلتقي الخلق بالخالق تبارك وتعالى في
ذلك اليوم الرهيب.
وقيل: يلتقي الظالم والمظلوم، والقاتل والمقتول، والصالح والطالح، في ذلك اليوم يلقى كل عاملٍ ما عمل من خير أو شرٍ، يا عامل اعمل ما تشاء فإنك ملاقيه، لن تجد إلا ما عملت: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر:52
].