كيف كان يعيش المصري القديم في العصر الحجري
( كان المصري في ذلك الوقت جامعاً للقوت يحصل علي حاجته مما يجده من ثمار الأشجار ومما يستطيع أن يصطاده من أسماك النهر والبحيرات ، أو من الطيور وصغار الحيوانات ، ومثل هذه الحياة تستلزم التنقل الدائم ولا تحتاج إلى ضرورة إقامة العائلات علي مقربة من بعضها ، كما أنها لا تحتاج
إلي أثاث ثقيل يحمله الإنسان معه ، وجاء اليوم الذي عرف فيه الإنسان أنه يستطيع أن يستنبت بعض حبوب النباتات البرية ويحصل منها علي كميات كبيرة بعد زرعها ، وبعبارة أخري أخذ المصري يتحول تدريجياً من جامع للقوت إلى منتج له ، فأجبرته الزراعة على الإقامة في مكان معين ليرعى حقله وليحصل علي ثماره ، كما بدأ الإنسان يستأنس الحيوانات أيضاً3 ، ويبني له مستقراً يأوي إليه ويضع فيه محصوله ، كما بدأ أيضاً يصنع من بعض النباتات ومن الطين أوان لحفظ حاجياته ، وعندما وصل الإنسان إلي هذه المرحلة ، أي بعد ترك اعتماده علي حياة الصيد وجمع القوت اعتماداً كاملاً ، أخذ يودع حياة العصر الحجري القديم وأخذ يبدأ العصر الحجري المتوسط الذي حسن فيه الإنسان بعض أدواته وأخذ يرتقي قليلاً قليلاً في مدارج المدنية ، وبدأ يتحلى ببعض أدوات الزينة ، وما جاء العصر النيوليتي أو العصر الحجري الحديث حتي كان هذا الإنسان يعيش في قري صغيرة ) 4 ، ( وتسمي الفترة بين بداية العصر النيوليتي " أي العصر الحجري الحديث " ويين ظهور الأسرات في مصر ، وتقرب من ألفي سنة العصر الحجري النحاسي أحياناً – ونستطيع أن نقول إنه كان لكل من حضارتي الدلتا والصعيد مميزات خاصة ) 5 وبعد انتهاء العصر الحجري بدأ عصر الأسرات الفرعونية -
فهل حان الوقت للحديث عن الملك مينا الشهير بموحد القطرين ؟
بل سنتحدث عن الملك العقرب
ومن هو الملك العقرب وما حكايته ؟
- نعرف جميعاً اسم الملك مينا كموحد للقطرين وكأول فراعنة الأسرة الأولى الفرعونية ، ولكن القليل يعرف الملك المسمي بالملك العقرب والذي تم في عهده محاولة لتوحيد القطرين في مصر وإن لم تنجح هذه المحاولة ولم تستمر طويلاً ، إلا أنها كانت محاولة سبقت ما أنجزه الملك مينا بفترة ، فمما لا شك فيه أن هناك تطوراً كبيراً قد حدث في مصر حوالي سنة 3300 قبل الميلاد ، إذ أن البلاد كانت في مرحلة انتقال من العصر الحجري الحديث إلي عصر بداية الأسرات ، بمعني أن طبيعة البلاد والمصلحة المشتركة نقلتهم من حياة القرية إلى المدينة ومنهما إلي حياة الأقاليم التي كانت تتمثل في إمارات صغيرة ، وبدأت هذه الأقاليم تتحد مع بعضها البعض بوسيلة أو أخري ، فقد فرض بعضها نفوذه علي البعض الآخر عن طريق الحرب أو عن طريق النمو الطبيعي وتغلب المصالح المشتركة ووصلوا فيدبوس النهاية إلى مملكتين ، مملكة الشمال وتتمثل في الدلتا وعاصمتها مدينة ( بي ) بوتو بمعني المقر أو العرش ( قرب دسوق ) وإلهها الصقر حورس وتاجها التاج الأحمر ورمزها النحلة ، أما المملكة الأخرى ففي الجنوب وعاصمتها مدينة ( نخن ) بمعني الحصن ( قرب إدفو ) وإلهها أيضاً الصقر حورس وتاجها التاج الأبيض ورمزها نبات السوت ( ربما البوص أو الخيرزان ) ، ونعرف من الملوك المحاربين الملك العقرب ، الذي كان أغلب الظن أحد ملوك مصر قبل الملك مينا ( نعرمر ) مؤسس الأسرة الأولي الفرعونية ، وتدل آثار الملك العقرب التي عثر عليها في نخن أنه قام بأعمال إنشائية ، فمثلاً نراه علي قتاله لابساً التاج الأبيض ماسكاً بفأس يضرب بها الأرض ، ربما يشق ترعة جديدة أو يقوم بأحد المراسم الدينية ، وفوق هذا نري مجموعة من الألوية تمثل مقاطعات الصعيد ويتدلي منها طيور مذبوحة ربما لتعبر عن قبائل الدلتا وقد يدل هذا علي انتصار الملك العقرب علي الشمال وتوحيد البلاد ، ومن الملاحظ أن هذه الوحدة قد انفصمت عراها لأسباب دينية تقريباً ثم عادت من جديد في أول العصر التاريخي ، عندما أخضع أهل الجنوب أهل الشمال ، وقامت الوحدة التاريخية التي بدأتها الأسرة الأولي التي أنهت عصر ما قبل التاريخ وبدأت التأريخ منذ الملك مينا ، وهناك خلاف حول شخصية موحد مصر ، هل هو الملك نعرمر أم ابنه الملك حور عحا ( بمعني الصقر المحارب ) ؟ فمينا لم يكن اسماً أو لقباً مستخدماً أثناء حياة الفرعون ، ولكنه نعت أطلقه عليه أبناء الأجيال التالية وهو يعني الخالد وهناك خلاف أيضاً حول تاريخ توحيد القطرين ويظن بعض المؤرخون أنه تم حوالي سنة 2920 قبل الميلاد
من هوالملك مينا
الملك مينا يعد الملك مينا أول شخصية بارزة في تاريخ مصر بل إن مصر لم تصبح دولة موحدة إلا في عهده فهو كما نعلم جميعاً موحد القطرين وهو الملك الأول في الأسرة الأولي الفرعونية يعد الملك مينا أول شخصية بارزة في تاريخ مصر بل إن مصر لم تصبح دولة موحدة إلا في عهده فهو كما نعلم جميعاً موحد القطرين وهو الملك الأول في الأسرة الأولي الفرعونية وقد وردت عدة أسماء للفرعون الأول موحد القطرين منها ( مني = مينا = منا = نعرمر = نارمر ) وقد استخدم الدكتور سيد توفيق اسم " مني " للفرعون الأول كما ورد في تاريخ مانيتون وبردية تورين وقائمة أبيدوس بأن الفرعون الأول هو مني " بمعني الخالد أو المثبت وهو مؤسس الدولة والجد الأكبر لجميع ملوك الفراعنة تقريبا ويقول عنه سلیم حسن أنه قد كانت له مهابة في قلوب الفراعنة الذين خلفوه حتى أنهم ألهوه بعد موته وبقيت عبادته زمناً طويلاً حتى أنه بعد عشرين قرناً من وفاته وجد تمثاله محمول في مقدمة كل تماثيل الملوك الآخرين في احتفال ديني في عهد رمسيس الثالث في معبده ويقول سليم حسن أن ملوك الأسرة الأولي يبلغ عددهم سبعة فقط واستمروا نحو ۲۰۰ سنة من سنة ٣٢٠٠ ق م إلى سنة 3000 ق م والملك مينا قد وضع أساس متين لكل من جاء بعده من الفراعنة فالنظام الحكومي والإداري الذي كانت تسير عليه البلاد في عهده بقي نحو 3000 سنة لم يطرأ عليه تغيير إلا نادراً - أعتقد أن هذا النظام الحكومي موجود حتى وقت قريب وليس فقط 3000 سنة أما كلمة فرعون فقد أتت من اللفظ المصري القديم " برعو " أي القصر العظيم وتعتبر لوحة الملك مينا من أهم الآثار الفرعونية الموجودة حالياً واللوحة توضح معاركه لتوحيد القطرين ، وظهوره بتاج الوجه القبلي علي أحد أوجه اللوحة وبتاج الوجه البحري علي الوجه الآخر ، وقد عثر عليها العالم البريطاني كويبل في هيراكونبوليس بالقرب من إدفو وهي من حجر الشيست الأخضر . وتعتبر لوحة نارمر من أول اللوحات التاريخية ، كتبت ورسمت في عهد الفرعون نارمر الذي وحد الوجهين المصريين هل يمكن شرح المرسوم علي هذه اللوحة ؟ فقد بحثت عنها وهي أمامنا الآن علي شاشة الكمبيوتر حسناً فلتتأمل أولا الوجه الأول من اللوحة : في أعلى اللوحة نجد وجهان لإمرأه لها أذنى وقرني بقره وهي الإلهه حتحور وبين والوجهين نجد واجهة القصر " السرخ " ونقش بداخله اسم نعرمر .
وفي الصورة اسفلها نجد الفرعون مصورا بحجم كبير يلبس تاج مصر العليا ( الجنوبية ) الأبيض ويمسك بيده سلاحه ليضرب به أحد أعدائه الشماليين ( التي تميزه باروكة الشماليين ) ، وخلف الملك حامل صندل الملك ومعه وعاء من الماء .
وأمام الملك نجد الإله حورس في هيئةالصقر وهو يقدم للملك رأس أسير وجسمه عبارة عن علامة الأرض عند المصريين القدماء ويخرج منها نبات البردي أي دليل على أنها أرض الشمال ومعنى ذلك أن حورس يقدم للملك أرض الدلتا ليحكمها ويبسط عليها نفوذه . بعد ذلك نجد في أسفل اللوحة اثنان من الأعداء يهربان وبجوار كل منهما اسم مقاطعته ( بوتو وسايس ) كل منهما معي ينظر ورائه دليلاً على قوة ما يهربان منه ، وبجوارهما رسما لحصنهما الذي استولى عليه نارمر . ثانياً الوجه الثاني : نجد أولا في أعلى الصورة المنحوتة نفس وجهي المعبودة حتحور وبينهما السرخ ، أسفلها منظر يصور انتهاء الحرب ويمشى الملك في موكب النصر المتجه لمعبد مدينة بوتو المقدسة ، وهنا يلبس الملك التاج الأحمر تاج الدلتا وورائه حامل الصندل وأمام الملك كبير وزرائه وفوقه كلمة " سات " يعني وزير ، وأمام الوزير حملة الأعلام . ومن الأعلام نستنتج أن مصر القديمة كانت أول من يكون حكومة مركزية في التاريخ ، حيث يرجع تاريخ تلك اللوحة وهذا الحدث إلى 3100 سنة قبل الميلاد .
ونجد على أقصى اليمين مجموعة من الأسرى مقطعة رقابهم وموضوعة بين أقدامهم ونرى أن جميع الأسرى أقدامهم مواجهة لبعضها ما عدا إثنين منهم ، وذلك تمييزاً لهما ويعتقد أنهما قائدين من الشمال . أسفل هذا المشهد نجد صورة لحيوانين خرافيين متشابكة الأعناق ليشكلوا بؤرة الصلاية لطحنكحل الملك وفي نهاية اللوحة نجد الملك مصورا على هيئة " ثور " قوي دليلاً على قوته يدمر أحد حصون الأعداء ويطأ بقدمه أحد الأعداء .
من الواضح أن الملك كان يقاتل بشراسة وعنف لم تشهده البلاد من قبل وقد قام بالتمثيل بالجثث ووضع رأس كل قتيل بين ساقيه ، وهي رسالة لكل من تسول له نفسه أن يفكر في عصيان الملك بالتأكيد فقد وضع مينا القوانين والقواعد التي ستطبق علي عصره وما بعده من عصور ويجب أن نتذكر أن هؤلاء القتلي هم من أهل مصر أيضاً ولكنهم كانوا يعيشون في الشمال أي في الوجه البحري أي أنهم ليسوا من دولة معادية لمصر بل هم مصر الشمالي الطريف أنه قد قامت طاحنة حروب بين شمال وجنوب الولايات المتحدة الأمريكية في العصر الحديث حتي أصبحت علي الحالة التي عليها الآن ،
فهل الحروب لتوحيد الدولة أمر حتمي حدث في عدة أماكن من العالم القديم والحديث ؟ نصف علي أي حال لقد وضع مينا القانون فأنت إذا خالفت مينا فأنت لا تخالف شخص الملك مينا بل إنك تخالف القانون وسيصبح هذا هو الطبيعي والدائم في مصر بعد ذلك فالحاكم هو القانون بل هو مصر نفسها فإذا أسأت له أو انتقدته فأنت تسئ إلي مصر وتنتقدها فمصر ستصبح هي حاكمها ،